عرض المقال
ذبح نجيب وصلح أبوالمجد
2013-10-15 الثلاثاء
منذ تسعة عشر عاماً وفى مثل هذه الأيام وبالتحديد 14 أكتوبر تم طعن العبقرى فخر مصر نجيب محفوظ بسكين فى عنقه غدراً أمام بيته من بلطجى غُسلت دماغه بأفكار سيد قطب التكفيرية، هذا المفكر الذى تحول من ناقد أدبى ومكتشف نجيب محفوظ إلى أستاذ ومنظّر لقتلة نجيب محفوظ!، وحتى لا ننسى بسبب ذاكرة السمك التى نعانى منها وتجعلنا نثق أن تيارات التكفير ستتغير وتتصالح مع مجتمعها، لا بد أن نذكر ونتذاكر ما قاله هذا المجرم القاتل الذى تخيل أن طعن هذا الشيخ العجوز الرقيق الذى كان يمد يده للمصافحة والتحية هو جواز سفره إلى الجنة، وأمثال هذا المجرم منتشرون الآن تحت مظلة انفلات أمنى وتراخٍ حكومى يذبحون فى البشر الكافرين الضالين من وجهة نظرهم، طابور من مرضى الروح سقيمى الوجدان يتخيلون أنهم وكلاء الرب على الأرض، اسمعوا واقرأوا ما قاله هذا النموذج الذى نريد أن نتصالح مع مستنسخاته الإخوانية الجهادية التكفيرية، ما قاله المجرم الذابح القاتل فى التحقيقات وذكره الأستاذ محمد سلماوى فى مجلة «الثقافة الجديدة» يعطينا دلالات واضحة عن مستوى تفكير هؤلاء البشر من سماسرة الدين، وكيف يستطيعون تغييب وغسل أدمغة البسطاء الذين لم يقرأوا حرفاً لنجيب محفوظ فى حياتهم، وبالرغم من ذلك يصدرون الحكم وينفذونه بكل ضمير مستريح بل يعتقدون أن السكين التى ذبحوا بها الرجل هى مفتاح الفردوس، فلنقرأ ما قاله الذبّاح..
- «أنا فنى إلكترونيات حاصل على شهادة متوسطة، كلفتنى وشرفتنى الجماعة الإسلامية بقتل نجيب محفوظ، اتجهت إلى الله منذ أربع سنوات بعد قراءة كتب الجماعة الإسلامية على رأسها كتب الشيخ عمر عبدالرحمن».
< هل قرأت لنجيب محفوظ؟
الرد: أستغفر الله.
< قيل له: «لقد سامحك نجيب محفوظ على جريمتك».
الرد: هذا لا يعنينى ولا يغير من الأمر شيئاً، لقد هاجم نجيب محفوظ الإسلام فى كتبه، لذا أُهدر دمه وقد شرفتنى الجماعة بأن عهدت إلىَّ بتنفيذ الحكم فيه فأطعت الأمر.
يروى الشاب أنه توجه مع زميله باسم «الذى استشهد» على حد قوله أثناء القبض عليهما إلى منزل محفوظ فى اليوم السابق على محاولة الاغتيال وطلبا مقابلته وكانا يحملان داخل ملابسهما مسدساً وسكيناً، وكان «باسم» يرتدى ملابس خليجية، كما حملا أيضاً ورداً وحلوى للتمويه لكن زوجة محفوظ التى فتحت لهما الباب قالت إنه غير موجود وإنه بإمكانهما مقابلته فى اليوم التالى فى ندوته الأسبوعية التى يذهب إليها فى الخامسة بعد الظهر. وتابع الشاب قوله: «كان الهدف هو ذبح نجيب محفوظ داخل منزله بالسكين، أما المسدس فكان لتهديد أفراد أسرته حتى لا يطلبوا النجدة، لكن الله لم ييسر الأمر، لذلك قررنا ذبحه فى اليوم التالى وقد قمت بتنفيذ العملية وحدى وهربت إلى زملائى فى (حى) عين شمس وأخبرتهم بأننى غرست السكين فى رقبة نجيب محفوظ فأخذونى بالأحضان وأخذوا يقولون لى (مبروك)».
نُقل إلى الشاب أسى نجيب محفوظ عليه وشعوره بأن الشاب ضحية، وتمنيه لو كان أصبح عالماً أو بطلاً رياضياً لا قاتلاً يرتكب جرائم، لكن الشاب لم يبال بهذا الكلام وقال: «لو أننى قابلته ثانية لنفذت فيه مرة ثانية الأمر الذى صدر إلىَّ».
لا تعليق.. ولكنى فقط أهدى هذا الحوار للدكتور كمال أبوالمجد الذى كتب مقدمة «أولاد حارتنا» التى ذُبح بسببها نجيب بسكين من يريد أبوالمجد الآن الصلح معهم، هل من شروط وطقوس الصلح الذبح وتقديم المفكرين والفنانين أضحية لعيد الإخوان المبارك؟!